حينما يبدأ الطفل بالوقوف وركل الكرة .... حينما تعمّ الحركة والضوضاء...
يتحدّث بطلاقة عن العبارات اليومية بل ويدهشك في كل مرة .... في هذا السّن بالضبط
يبدأ عدم الامتثال لأوامرك شيئا شبه روتينياً بالنسبة لطفلك وقد تتعصّبين لذلك
وكحال المربيين يصفونه " الطفل المعاند " وقد تفسر تمرّده ومعاندته خروج
عن الآداب العامة، فهملمّ بنا
لمعرفة السبب الرئيسي لعناد أطفالنا وكيفية التعامل معهم.
صفة العناد هي مرحلة عمرية ضرورية يمرّ بها كل طفل، فلا تخاف أيها المربي
على عناد ابنك بل تعلّم كيف تنمي لديه العناد الإيجابي فالطفل الغير معاند مخوّف
بعض الشيء وإنه غير طبيعي.
إنّ الأنا الخاصة بالطفل مرتبطة بك أيها الأم فمنذ أن تلقّحت البويضة من
طرف النّطفة وتشكّل بها جنين داخل رحمك يشاركك الطعام والأكسجين بل وحتى لحظات
سعادتك وألمك وكل شيء ... إنه بعبارة أدق " إنك تحتوينه مادياً ومعنوياً
" ثم يخرج إلى الحياة باكياً محتاجاً إليك فلا شيء سيعوّضه عن حنانك وعناقك
وحتى أنك مصدر غذاءه، ثم يكبر ذلك الطفل وهو لايزال يعتمد عليك، أنت تنوّمينه....
أينما ذهبت فهو معك...... تلبسينه...تؤكلينه...
باختصار حياته كلها أنت، وعندما يصل إلى عامين توقفينه من الرّضاعة
الطبيعية (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن) لقمان:١٤ ، وهنا تبدأ
رحلة الاستقلال عن الأم واللغة التي يعبّر فيها عن استقلاله هي العناد، وقد
تستفسرين أحيانا عن كونه يعاندك أنت فقط بينما أبوه يطيعه وهذا شيء طبيعي لأنه
مستقل عن أبوه بينما يعاندك أنت لأنه يريد الاستقلال عنك وفي حال أعطيت له فرصة
الاستقلال فتمرّ مرحلة العناد بشكل أفضل وينتج بعدها طفل ذو شخصية قوية، بينما لو
عارضت استقلاليته بقصد أو غير قصد فيستسلم طفلك ويصبح طفل خاضع ضعيف الشخصية أو
يقاوم ذلك ويصبح طفل متمرّد.
كيف تتعاملين مع الطفل العنيد
اضبطي أعصابك
إن صراخك لن يجدي نفعاً ولجوؤك لضّرب لن يغيّر سلوكه فعادة يفضّل الأطفال العنيدين الضرب طالما نجحو في فعل ما يريدونه، إنك باختصار محتاجة للّيونة والنبرات الهادئة فالطفل العنيد من أصعب الشخصيات، تعلّمي كيف تتعاملين معه فهذا من شأنه أن يسهّل عليك الكثير.
لايجب وصف ابنك بأي صفات بذيئة
" لا " زر لإطلاق عناده
" ماما بلعب برا " لا"
" ماما باكل حلوى " لا
لا ...لا هوس كلمة لا، طفلك معاند شمّري على ساعديك وابدأي حملة " لا لكلمة لا "
جوابك لأي شيء بلا (رغم أنه يلفظها الطفل المعاند كثيرا) يعني الضغط على زر العناد والتمرّد فقرّر أيها المربي.
نعم لعبارة " أنت قرّر "
الطفل الصغيروبالأخص الطفل العنيد يحبّذ كثيرا جملة "أنت قرّر"، جملة تعبّر عن استقلاليته واتخاذه للقرارات، لذلك فالاسلوب الأنجح ليكون ابنك العنيد طائع لأوامرك هو إعطائه خيارات ولكن لاتتجاوز ثلاثة على أقصى تقدير كي لا يتشوش.
مثلا .... " عمر هل ستذهب للنوم الان أم بعد عشر قائق؟ " بدلا من إجباره بالذهاب للنوم وحدوث دراما كبيرة ببساطة وجّهي له أنه مخيّر لذهابه للنوم فلا مشكلة لك إن ذهب الان أم بعد عشر دقائق أليس كذلك؟ ولكنه سيذهب للنوم وهو مسرور لأنه كان قراره.
إبتعدي عن الأوامر
الطفل العنيد يتجاوب مع الأوامر بالتمرّد وعدم الطّاعة، إنه ببساطه لايحب أن يتلقى الأوامر منك ومن أي شخص وبدلا من ذلك أطلبي أمرك بالخيارات كعبارة أنت قرّر السابقة أو بالأسئلة.
مثلا: بدلا من أمره بمساعدته في إحضار الصحون من الطاولة أطلبي ذلك وهو يسمعك
" من الشاطر الذي سيساعدني في إحضار الصحون؟
إمدحي طفلك
شجعي طفلك وامدحيه على أي عمل إيجابي فهو كفيل بأن يتقدم نحو الأمام، إضافة إلى أنه سيشعر بالأمان، ولاتقارنيه بأقرانه أبدا لأنه سيدفعه للعناد معك.
كوني مستمعة جيدة
لاشيء يضاهي شعور طفلك حينما يعود من المدرسة ويبدأ في سرد مغامراته وأنت تتابعينه في شغف، إن الاستماع إلى طفلك وهو يحاورك أمر في غاية الأهمية فأنت تبنين جسر ثقة وأمان وكأنك تخبرينه بأنك مرجعا له متى قام بأي تصرف جاء إليك، إنها فرصة لتخبريه عن السلوكات الخاطئة ( دون انفعال أو عقاب فتذكر أن عادة ما يختبرك الأطفال فمثلا لو قام بسرقة قلم من صديقه لن يخبرك بأنه سرقه بل سيختبر ردة فعلك ويخترع حكاية من أنه رأى صديقه يسرق قلم زميل له فإن كانت ردة فعلك منفعلة فتوقع أنه لن يخبرك الخبر الحصري هو أنه هو الذي سرقها فبالتالي ضيعت فرصت تقويم سلوكه ) ولاتنس أن تمدحي وتكافئه على سلوكات جيدة أخبرك بها.
وأخيرا
إن الطفل المعاند من أصعب الشخصيات ولكن من أفضلها، إن الطفل العنيد يعني عدم الخضوع للأخرين بسهولة .... يعني متمسّك برأيه ولكن ليس كل طفل عنيد هو بالضرورة قوي الشخصية، علّميه أن يتحمّل قراره حتى لوكان خاطئا لأنه مع مرور الوقت سيجد أن لديه تجربة صغيرة مقارنة بك فينقص من عناده لأنه يعلم أنك تعلمين مصلحته أكثر منه
مثلا .... لو أصرّ على عدم لبس السترة والقبعة وأنت تعلمين أن الجو بارد للغاية فدعيه يخرج ويرى كم أن الجو بارد ثم قولي له بنبرة حانية " قلت لك بأن الجو بارد وأنك ستشعر بالبرد "، في المرة القادمة لن يعاندك.
تعليقات
إرسال تعليق